مثل ما فعلت قبل. فأمرهما قراراً بين يديه. وفصل بينهما، بمذهبه. فأخبرت بذلك الأمير. فحمد الله تعالى. وسجد شكراً لله تعالى. قال الخراط: وكان له كاتب آخر يقال له ابن زرياب. يتولى الديوان. فغاب يوماً عن المجلس، واحتيج الى النظر في الديوان، ولم يدر ابن البناء ما يعمل فيه، الى أن ارتفع النهار. وتفرق أصحاب القضية. فجاء ابن زرياب، فنظر في الديوان، فأخرج القضية، ثم اعتذر عن تأخره، بحضوره نكاحاً، عند أبي القاسم بن محمد بن عبدوس. وذكر ما لابن عبدوس عليه من الحق. وأنه لم يمكنه إلا الحضور. فقال له عيسى: ما ظننا بك إلا عذراً من مرض، أوهم في ذلك، وإذا أنت في هذا. فأخذوا بيده الى السجن. فلما استقر في السجن وجه وراءه، وقال له: أنت في إجازة المسلمين، تعطل ما استؤجرت فيه، وتشتغل بحضور الملاكات. لا تعد وارجع الى مكانك. وذكر أنه كان يقوم في الليل، يتذكر قصص المتخاصمين عنده، واحداً واحداً، ويسأل الله تعالى أن يحمله فيها على السداد. ومرّ يوماً على السجن فأسمعه بعض من سجنه ما يكره، فكلمه في ذلك بعض من حضر، وقال من يصبر على هذا. قال عيسى: من أين كلمني؟ قال من السجن. فقال لهم فليس عليّ أكثر من هذا. أخذنا كسوته ونمنعه من البكاء. ونحو هذا.