للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بقية أخباره واستعفاؤه من القضاء ووفاته]

ولما قدم القيروان، أتى على حمار عليه إكاف، فقام الناس إليه على أقدامهم، فقال: مكانكم رحمكم الله! إنما يقوم الناس لرب العالمين.

ولما رأته امرأة على حمار وبردعة وشند، وحوله شيوخ القيروان، قالت: انظروا أي قاض وأى شكل!!

فسمعها، فقال لها: والله لقد قلتها لهم.

ومن الكتاب المعرب - ونقلته أيضًا من خط القاضي أبى الوليد الباجي - قال سهل بن إبراهيم: كنا عند عيسى بن مسكين، نسمع منه، وكان في كل يوم يأتيه شيخ نحوي، كان صاحبا له من عهد الصبا، وكان عيسى لا يخرج حتى يأكل، فجاء يومًا إلى عيسى قبل خروجه، فأعلم به فدعاه، فقال الشيخ للرسول: قل له إني صائم.

فقال: يقول لك: تطوع أم واجب؟

قال: بل تطوع.

قال: فانهض معي.

فلما رجع الشيخ، سألناه قال: قال لي: إن ثوابك في إدخال المسرة على أخيك المسلم بإفطارك عنده، أفضل من ثوابك في صيام يومك.

فأفطرت معه.

قلنا: ألم يذكر لك قضاء هذا اليوم؟

قال: لا، ما ذكره.

قال المؤلف : أما القضاء فواجب لابد منه، وإنما لم يذكره لعلمه - والله أعلم - بأن ذلك ليس من خفى العلم الذي يضطر إلى بيانه.

وكان من سيرته في غير مدة قضائه، أنه كان إذا أصبح، قرأ حزبه من القرآن، ثم جلس للطلبة إلى العصر، فإذا كان بعد العصر، دعا بنته وبنات أخيه، يعلمهن القرآن والعلم.