قال ابن الجزار: كان محله من الزهد والورع والسكينة والوقار، والخوف من ربه، والعدل في حكمه، والروية في لفظه ولحظه (٣٨٢). على حالة يقصر عنها وصف البليغ، وكان مع ذلك فقيها عالما فصيحا.
قال أبو الحسن الكانسى: أدخلنى عيسى بن مسكين إلى بيت مملوء بالكتب، ثم قال: كلها رواية، وما فيها غريبة إلا وأنا أحفظ لها شاهدا من قول العرب.
قال بعضهم: لقد جلست إلى كثير من أهل العلم، فما رأيت أحدا مثله، وما أشبهه إلا بمن كان قبله من التابعين.
وكان إذا حضر مجلس محمد بن سحنون، أمره محمد بأن يؤذن ويقيم ويصلى، فإذا استفتى محمد قال: أفته يا أبا موسى.
ونظر إليه محمد بن سحنون يوما فقال: يا أهل المسائل: هذا أفضلكم وخيركم وإمامكم.
وكان إذا تفاخر أهل المدينة وأهل العراق برجالهم، فقيل لأهل العراق: عندكم مثل عيسى بن مسكين؟ يفخمونه ويقولون: ذاك أفضلنا وأفضلكم.
[ذكر ولايته القضاء وسيرته]
قال ابن مسكين: لما مات سحنون، اغتممت لموته، فرأيته في نومي كأنه خلع من عنقه سيفا كان متقلدا به، وقلدني إياه، فقلت: كان سحنون رجلا فاضلا، والله لأقفون أثره.
وتأولته العلم.
فبعد أربعين سنة خرجت رؤياي، فابتليت بالقضاء.
(٣٨٢) ط: "والتنويه في لفظه ولحظه" ا: "والرية في لفظه ولحظه" وبهامشها "والتنويه" - ولعل الصواب ما أثبتناه: "والروية في لفظه ولحظه".