الى أن مات. فوجموا وسكتوا. فحوّل الشيخ وجهه إليهم، وقال: مات أبو حفص. فقلنا: نعم. أصلحك الله وجبر مصابك. فثنى الجزء على إبهامه، ثم حوّل وجهه، وهو في مكانه، وقال: رحمك الله يا بني، لقد كنت صوّاماً قوّاماً، حافظاً لكتاب الله، عز وجل، عالماً بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولقد طمعت أن أكون في صحيفتك، فالحمد لله الذي جعلك في صحيفتي. ثم قال: خذوا في شأنه. وأقبل على مصحفه. قال ابن شبلون: لما مات وغسل، وكفن وأبو عبد الله أبوه حاضر، وأبو سعيد ابن أخي هشام وأبو الأزهر بن معتب وأبو محمد بن أبي زيد، رحمهم الله تعالى، وأبو محمد بن التبان، وغيرهم من أهل العلم. قال الغاسل لأبيه: ما أعظمها من مصيبة. فقال له: لا تقل. ثواب الله تعالى خير منه. ثم قال أبوه: رحمك الله يا أبا حفص، لقد كنت مباركاً علينا في دنيانا وأخرانا، أما دنيانا فكان يجري على يديك قوتنا، وأما أخرانا، فكنت أقول: لعلي أكون في صحيفتك، فقد صرت في صحيفتي. وعزه فيه السبائي، فقال له: يا أبا عبد الله، إنك كنت تريد أبا حفص، للدنيا. وأنا كنت أريده للآخرة، فأنا أحق بالتعزية منك.