للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمنزلة الفقيه من السفيه ... كمنزلة السفيه من الفقيه

فهذا زاهد في رأي هذا ... وهذا فيه أزهد منه فيه

[باب ذكر كرمه وجوده]

قال محمد بن عبد الله الرعيني: لما سرت إلى الغزو إلى صفاقس مع سحنون فتح لنا مطمورة شعير، لعلف دوابنا، فما كنا نأخذ منها بكيل، سماحة منه في ذات الله. قال غيره: وفدى سحنون يومئذ أسارى المسلمين، وظن أن الأمير يعطيه ما فداهم به. وأخذ سحنون الأموال التي فداهم بها سلفاً. فلما قدم على الأمير أبى أن يعطيه الفدى، فألزم سحنون الأسارى. فأمروا به. وقال لهم: قد كنتم عبيداً للعدو، ولا تملكون من أموالكم ولا تأمنون الفتنة على دينكم، فمن أعطى تركته، ومن أبى حبسته. قال أبو داود القطان: باع سحنون زيتوناً له، بنحو ثلاثمائة دينار، ودفع ذلك إليّ، فكان يبعث إليّ البطائق يتصدق من ذلك المال، إلى أن نفد، فأتيته بتلك البطائق ليحاسبني عليها، فقال لي: بقي من المال شيء؟ فقلت: لا. فرمى البطائق، ولم يحاسبني عليها، فقال لي: بقي من المال شيء؟ فقلت: لا. فرمى البطائق، ولم يحاسبني. وقال: إذا فرغ المال فلم أحاسبك؟ قال حمديس: ماتت لأبي خادم ثمنها ثمانية وعشرون ديناراً، فعرض علي سحنون ثمنها لأشتري لأبي منه خادماً، فقلت: أنا عن هذا غني. وحكى المالكي عن الجزري، قال: بينما أنا عند سحنون، إذ أتاه رجل، فسأله عن مسألتين أو ثلاثة، ثم قال: ما اليوم وما غد وما بعد غد.

<<  <  ج: ص:  >  >>