للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم ينته عنها عبد الجبار، فهجره حمديس، ولم يزالا متهاجرين أربعا وعشرين سنة.

وكان حمديس ينهى الناس عن السماع منه.

وكان عبد الجبار، اذا مر بمسجد حمديس، سلم عليه، فلا يرد عليه حمديس، فيقول عبد الجبار: ما هاجرني الا لله.

ويقول حمديس: عبد الجبار رجل صالح.

وكان ابن طالب صديقا لعبد الجبار، فهم بتأديب حمديس بسببه، الى أن فسد أيضا ما بينه وبين عبد الجبار.

وكان سببه أن عبد الجبار كتب اليه في بعض أمنائه، فلم يلتفت الى كتابه، فكتب بذلك للأمير، وكان ابن طالب يسئ ذكره، وطلبه ابن طالب عند الأمير، وأوقع فيه الشهادات بمخالفة مذهبه، وشهد عليه ابن الحداد، وابن أبي سليمان وجماعة من أصحاب سحنون، ويسترعى الشهادات عليه حمديس، فأبى، وقال: هجرته ديانة، رأى شيئا ورأيت أنا خلافه، لم أهجره على مال أكله ولا عرض.

فمضى القوم.

قال ابن أبي سليمان: فما قام منا أحد حتى نقده عبد الجبار.

وكان سحنون ينتظره حتى يحضر، فاذا حضر أمر القارئ فقرأ.

قال عبد الجبار: ما قرأ سحنون قط كتابا في بادية ولا حاضرة الا وأنا حاضر.

وكان ما بينه وبين ابن طالب القاضى سيئا جدا، بعد صداقة كانت بينهما، وعبد الجبار أول من شهد عليه عند ابن الأغلب.

قال ابن اللباد: كنا نسمع على عبد الجبار في جامع ابن وهب، ألا يمشى الرجل أمام والده، فقال: من بره به أن يمشى أمامه في الظلام.