وكان أبو ميسرة، قد أخذ محضراً عليه. فاجتمع بالجبنياني: أبي إسحاق. فعرفه وغضب واسترجع وقال: هكذا يوقع الشيطان بين المؤمنين العداوة والبغضاء. والله لا رضيت بسماع هذا في أبي الفضل. رجل نشأ على الطهارة وحفظ القرآن، من ثمان سنين، وحفظ الموطأ ابن خمس عشرة سنة. يقال هذا فيه. وخرج. فبهت أبو ميسرة. ولامه من حضره ومن كان يغري بينهما. وقال: إن ذكره أحد منكم بلفظة، إن دخل عليّ. وقطع المحضر، وقام الى دار أبي الفضل، فدخل عليه، وخاله وأصلح بينهما.
[شرح مقتل الممسي وأصحابه]
كان أهل السنة بالقيروان أيام بني عبيد، في حالة شديدة من الاهتضام والتستر. كأنهم ذمة. تجري عليهم في كثرة الأيام محن شديدة. ولما أظهر بنو عبيد أمرهم، ونصبوا حسيناً الأعمى السبّاب لعنه الله تعالى، في الأسواق، للسب بأسجاعٍ لُقِّنها. يوصل منها الى سب النبي صلى الله عليه وسلم، في ألفاظ حفظها. كقوله لعنه الله: العنوا الغار وما وعى، والكساء وما حوى. وغير ذلك. وعلقت رؤوس الأكباش والحمر، على أبواب الحوانيت، عليها قراطيس معلقة، مكتوب فيها أسماء الصحابة. اشتد الأمر على أهل السنة. فمن تكلم أو تحرك قتل، ومثّل به. وذلك في أيام الثالث من بني عبيد، وهو اسماعيل الملقب بالمنصور، لعنه الله تعالى، سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. وكان في قبائل زناتة، رجل منهم، يكنى بأبي يزيد، ويعرف بالأعرج صاحب الحمار، واسمه مخلد بن كيداد، من بني يفرن، وكان يتحلى بنسك عظيم، ويلبس جبة صوف قصيرة الكمين، ويركب حماراً،