للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسكنت، فجاؤونى بخفي وطيلساني وعمامتي فلبست، وجيء بي إلى دار ابن الفرات، وفى الدار ابن الخليفة (٢٩)، فلما رآني أقبل على يخاطبني ويعظم جنايتى، وأنا أقر بذلك، وأتنصل وأستقيل، فقال: قد وهب لي أمير المومنين دمك، وابتعت منه جرمك بمائة ألف دينار ألزمتك إياها.

فقلت: والله أيها الوزير ما رأيت بعضها قط مجتمعا.

فغمزني أن أسكت، وجذبنى قوم من ورائى من وجوه الكتاب، فأسكتونى، فعلمت أنه أراد تخلص دمى، فقلت: كل ما يأمر به الوزير أعزه الله يمتثل.

فقال: احملوه إلى دارى. فحملت، فقرر أمرى على مائة ألف دينار، النصف عاجلا، والنصف في حكم التأجيل (٣٠)، على رسم المصادرات، ووسع على في المطعم، وأدخلت الحمام، ورفهت، فلما خرجت من الحمام رأيت وجهى في المرآة، فإذا طاقات شعر قد ابيضت في مقدم لحيتى، وقد شبت في تلك الليلة. وأديت من المال نيفا وثلاثين ألف دينار، ونظرنى ابن الفرات في الباقى، وصيرني إلى منزلي، وتخلص دمى، "فمكثت في بيتى سنتين، وبابي مسدود على، لا أرى أحد ولا يرانى أحد إلا في الشاذ (٣١) " وتوفرت على درس الفقه والنظر في العلم، إلى أن من الله بالفرج.

قال الصولى: توفى أبو عمر القاضي في رمضان، لخمس بقين منه، سنة عشرين وثلاثمائة، وسنه تسع وسبعون سنة.

مولده بالبصرة، أول رجب، سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

***

[أبو يعلى أخوه]

واسمه الحسين بن يوسف بن يعقوب.

وبنوه من آل حماد، هم المعروفون ببنى أبي يعلى.


(٢٩) ا ط: في دار الخليفة، م: وفى الدار ابن الخليفة.
(٣٠) م: التأجيل - ا ط: الباطل.
(٣١) ما بين قوسين ساقط من نسخة م.