للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واضجع ليذبح، وهو يقول: يا قوم! ذبحا ذبحا كذبح الكبش! أين المصادرات؟ أين أنتم عن أموالى أفدى بها نفسى؟

فما التفت إليه، فذبح وأنا أراه من شق الباب، وقد صار الليل نهارا من كثرة الشموع، وحملوا رأسه، وطرحت جثته في بئر في الدارة، وغلقت الأبواب، وأيقنت بالقتل، وأقبلت على قراءة القرآن والدعاء والبكاء، فما مضت ساعة يسيرة، حتى سمعت الأقفال تفتح، فإذا هم قد جاءوا إلى بيت ابن المثنى القاضي، فأخرجوه، وقالوا له: يقول لك أمير المومنين: يا عدو الله! استحللت نكث بيعتى وخلع طاعتى؟

فقال: لأنى علمت أنه لا يصلح للإمامة (٢٨).

فقالوا: إن أمير المومنين أمر باستثابتك من هذا الكفر، فإن تبت رددناك إلى مجلسك، وإلا قتلناك.

فقال: أعوذ بالله من الكفر، ما أتيت ما يوجب كفرا. وأخذوا يتهوسون معه بما يشبه هذا، ولا يرجع عنه، فلما يئسوا منه مضى بعضهم وعاد، ثم أضجع وذبح، وأنا أراه، وحملوا رأسه، وطرحوا جثته في البئر، فذهب على أمرى واقبلت على التضرع والبكاء فلما كان في وجه السحر، إذا بصوت الأقفال، فقلت: لم يبق غيرى، وأنا مقتول، واستسلمت وفتحوا الأبواب على، وأقامونى إلى الصحن، وقالوا: يقول لك أمير المومنين: يا فاعل يا صانع!!! ما حملك على خلع بيعتى؟

فقلت: الخطأ وشقوة الجد، وأنا تائب لله تعالى من هذا الذنب.

وأقبلت على شبه هذا الكلام.

فمضى بعضهم وعاد، فقال: أجب.

ثم أشار إلى وقال*: لا بأس عليك، فقد تكلم فيك الوزير، يعني ابن الفرات.


(٢٨) ا ط: للإمامة - م: للأمة.