وقال محمد بن ادريس: صحبت العلماء بالمشرق والمغرب، ما رأيت مثل ثلاثة: أبي بكر بن اللباد، وأبي الفضل المَمْسي، وأبي إسحاق بن شعبان. وذكر بعض ثقات أصحابه: أنه نظر الى رجليه بعد أن فلج، وقد تغيرتا، وانتفختا، فبكى ثم قال: اللهم ثبتهما على الصراط يوم تزول الأقدام. وأنت العالم بهما، والشاهد عليهما، أنهما ما مشتا لك في معصية. وألّف أبو بكر كتاب الطهارة، وكتاب عصمة النبيين صلى الله وسلم عليهم أجمعين. وهو كتاب إثبات الحجة في بيان العصمة، وكتاب فضائل مالك، وكتاب الآثار والفرائد عشرة أجزاء.
[ذكر أخباره وإجابة دعوته وبراهينه وجمل من فضائله]
قال محمد بن إدريس: كنا يوماً عند ابن اللباد نقرأ عليه، حتى سمعنا فوق البيت حركة. فسأل الشيخ خادمه عنها. فقالت: جعفر بن النوام يطارد الحمام. فقال: اللهم أصلحه. فما كان إلا بعد يوم أو يومين، حتى قرع علينا الباب، فأذن له. وجلس في الحلقة. فقال له الشيخ: اجلس يا مؤمن الى أن نفرغ. وكان أجداده كلهم عراقيون. فواظب على السماع، وانتفع بدعائه، ولزم السبائي وبلغ من العبادة مبلغاً عظيماً. وحكى المالكي أنه دعا على ثلاثة، فأجيبت فيهم دعوته. أما أحدهم، فدعا عليه بالجنون، وعلى الآخر بالعمى، فرأيتهما كذلك، وآخر بالجلاء، فمات في بلد السودان.