قدر ذات يده، في مؤونتها، وقناعتها، حتى يبقى في يده ما استغنى به. فإن كان له مال حلال، اعتمد عليه، وتفرغ للعبادة. وأن لم يكن عنده فعليه بكسب يده. فذلك أولى به من مسألة الناس. وأن كان مستغنياً عن الزوجة، فتركها أحب إلي، وأكل أموال الناس بالمسكنة والصّدقة، خير من أكله بالعلم والقرآن. قال سليمان: كان سحنون يركب بلجام حديد، ليس فيه فضة. وكان له برنس أسود، يلبسه في المطر والبرد. قال غيره: كان سحنون يجلس للسماع على باب داره، ونحن نجلس على الأرض، إلا من أتى منّا بحصير. فإذا تمنا، قال: قوموا قوم رجل واحد. فنفترق. قال عبد الجبار، بن خالد: كنا نسمع من سحنون جالساً بمنزلة، بالساحل. فخرج علينا يوماً وعلى كتفه المحراث، وبين يديه الزوج. فقال لنا: إن الغلام حمّ البارحة، فإذا فرغت أسمعتكم. فقلت له: أنا أذهب وأحرث وأنت تسمع أصحابنا، فإذا جئت قرأت عليك ما فاتني، ففعل. فلما جئته. قرّب إليّ غداءه، خبز شعير وزيتاً قديماً. قال حبيب: خرج سحنون علينا يوماً وعليه برنس، وكان يلبس الشاشية، والطويلة. قال عيسى: كان سحنون صمته لله، وكلامه لله، إذا أعجبه الكلام صمت، وإذا أعجبه الصمت تكلم.
قال ابن بسطام: دخلنا عليه في مرضه الذي مات فيه، وعند رأسه حقيبة، وما في بيته إلا الحصير. قال غيره: قيل له: يا أبا سعيد، كيف يسعك أن تترك الطلبة، وحاجتهم إليك، وتخرج إلى البادية فتغيب بها الشهور الكثيرة؟