للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر زهده وورعه [١] وفضله

وكان مع علمه من أهل الزهد والتقشف والبر، طال هربه من السلطان إلى أن انشبه المقدار، فنال رياسة الدين والدنيا بالأندلس، فما استحال عن هديه ولا غرته الدنيا بوجه.

قال ابن مفرج: وكان قد بلغ [٢] به التقشف وطلبه الحلال، كان يصيد السمك بنهر قرطبة ويبيع صيده، فيأخذ من ثمنه ما يقتات به [٣] ويتصدق بفضله.

[ذكر ولايته وسيرته]

قال ابن حيان: كان أول معرفته بالحكم المستنصر - وهو إذ ذاك ولى عهد أبيه الناصر - إنه طلب رجلا عالما زاهدا، يحج عن والدته بعد موتها بخمسمائة دينار دراهم، كانت أعدتها لذلك [٤] من طيب مالها، فذكر له ابن السليم هذا، فأمر بإحضاره - والحكم خلف ستر، وأمر أن يكلم في القصة، فرغب [٥] إليه في ذلك فانزوى وحلف أن لا يفعل أبدا، فعلق بقلب الحكم، ولم يزل يجتذبه بكل حيلة حتى اقتنصه من طريق محبته في العلم، فاستخدمه في المقابلة لدواوين بيت حكمته الذي [٦] حوى من كتب العلم ما لم يحوِ بيت ملك، فداخله من حينئذ وصحبه، فنوه الحكم باسمه وقدمه إلى الشورى، فلما ولى الحكم الخلافة بعد موت أبيه، قدمه إلى المظالم والشرطة، - إلى أن توفى قاضيه منذر بن سعيد، فولاه


[١] زهده وورعه: أ. ورعه وزهده: ط م. ففيهما تقديم وتأخير.
[٢] بلغ: أ م. يبلغ: ط.
[٣] به: أ م. منه: ط.
[٤] وذلك: ط - أ م. دراهم: أ م - ط.
[٥] فرغب: أ. ويرغب: ط م. فانزوى وحلف: أ. فأبى وأقسم: ط م. ذلك: ط م - أ.
[٦] الذي: ط م. التي: أ.