فقال له ابراهيم: أدتري لمَ بعثت إليك؟ فقال: لا. قال: لأشاورك في رجل قد جمع خلال الخير أردت أن أوليه القضاء. وألمّ به شعث هذه الأمة فأمتنع؟ قال: ألزمه أن يلبي. قال: تمنّع. قال يُجبر على ذلك. قال: أمتنع؟ قال: يُجلد. قال: قم. فأنت هو. قال: ما أنا بالذي وصفت. وتمنع. فأخذ الأمير بمجامع ثيابه، وقرب السيف من نحره. فتقدم إليه عيسى بنحره. قال حمديس: فقمت من مكاني، كيلا يصيبني من دمه. فلم يزل به، حتى ولي. قال ابن أبي سعيد: ولاه القضاء ابراهيم بن أحمد، بعد إجماع الناس عليه، على اختلاف مذاهبهم، وامتناعه. فخوّفه ابراهيم، وحلف له بغليظ الإيمان لئن لم تلِ لأقتلنّك.
فولي، وأسكنه رقادة. فكان لا يتصرف، ولا يخرج الى المسجد. وقيل إن ابراهيم قال: والله لأولين عليكم من لا تختلفون في فضله وزهده، وعلمه وورعه. فوجه فيه.