وكان مع علمه من أهل الزهد والتقشف والبر. طال هربه من السلطان الى أنشبه المقدار. نال رئاسة الدين والدنيا بالأندلس، فما استحال عن هدية ولا غرته الدنيا بوجه. قال ابن مفرّج: وكان قد بلغ به التقشف وطلب الحلال، إن كان يصيد السمك بنهر قرطبة. ويبيع صيده. فيأخذ من ثمنه ما يقتات به ويتصدق بفضله.
[ذكر ولايته وسيرته رحمه الله]
قال ابن حيّان: كان أول معرفته بالحكم المستنصر، وهو إذ ذاك ولي عهد أبيه الناصر، أنه طلب رجلاً عالماً زاهداً يحجّ عن والدته، بعد موتها بخمسماية دينار - دراهم كانت أعدتها لذلك، من طيب مالها - فذكر له ابن السليم هذا، فأمر بإحضاره. والحكم خلف ستر، وأمر أن يُكلَّم في القصة، ويرغب إليه في ذلك فأبى وأقسم أن لا يفعل ذلك أبداً. فتعلق بقلب الحكم. ولم يزل يجتذبه بكل حيلة، حتى اقتضاه من طريق محبته في العلم. فاستخدمه في المقابلة لدواوين بيت حكمته الذي حوى من كتب العلم ما لم يحوه بيت ملك. فداخله من حينئذ وصاحبه. فنوه الحكم باسمه، وقدمه الى الشورى. فلما ولي الخلافة - بعد موت أبيه - قدمه الى المظالم والشروط. الى أن توفي قاضيه، منذر بن سعيد، فولاه