قال ابن حارث: وكان الناصر لدين الله، لا يخليه من تصريفه في مهماته، وإخراجه في السفرات، الى كبار الأمراء، والأمانات الى الثغور والأطراف، للإشراف عليها، والإعلام بمصالحها، والبنيان لحصونها، وترتيب مغازيها وإدخال جيوشها الى بلد الحرب. وربما أقامه في ذلك مقام أصحاب السيوف من قواد جيوشه، فيغني غناهم، بحسن تدبيره. وكان راضه على ركوب الخيل، وملابسة الحرب. وهو الذي تولى له بنيان مدينة سالم، بالثغر الأوسط، مع غالب غلامه. وخرج في أول سرية خرجت منها الى بلاد الحرب، ومنحت الظفر. فاستعد لذلك. وكان يستخلف على قضائه في غيبته قاسم بن محمد، صاحب الوثائق. وربما استخلف عبد الرحمن بن علي. رحمه الله تعالى.
[ذكر سيرته في قضائه، رحمه الله تعالى]
قال ابن حارث: فالتزم ابن أبي عيسى في قضائه الصرامة، في تنفيذ الحقوق، وإقامة الحدود. والكشف عن أحوال الشهود، والصدع بالحق، في السر والجهر. ولم يداهن ذا قدر، ولا أغضى لأحد من أصحاب السلطان، عن هنة. حتى تحاموا جانبه. فلم يكونوا يطمعون فيه.