ثم ولي القضاء، فما رأينا ولا سمعنا أحداً من عقلاء إخوانه، ومنصفي معارفه، يذمّ حاله ولا يشكو تغييره، ولا نبذه. بل يصفونه بغير ذلك بما هو أشبه بأهل الكمال والمروءة. وذكر أبو عبد الرؤوف في طبقاته، فقال: كان فقيهاً عالماً نسيباً من بيت فقه وعلم، وسنة ورواية. وكان يتصرف في علم الأدب، تصرف اتفاق. وله رسوخ في أفانينه، من عربية ولغة وخبر، ومثل. وله لسان ذرب، وبيان. وكان محبباً في العامة، مقرّباً لدى الخاصة ومن الخليفة، مؤتمناً على أسراره، حتى لقد بوّأه، فراش كرامة، مع وزرائه مدنياً لمكانه، من غير أن يوقع عليه اسم الوزارة. فكان يحضرهم ويمدهم برأيه، عند استدعائه، وكان ممن قال الشعر بطبع حسن، وتصرف في ضروبه. وله في ذلك الشأو البعيد في الخطابة، لم يكن عليه في الكلام مؤونة. قال الحسن بن محمد بن فرج في كتاب الانتخاب: لم يكن في قضاة الأندلس، أكثر شعراً منه. لقد ذكره ابن عبد الرؤوف في كتاب الشعراء بالأندلس.