فقال عون: سبحان الله! مثلى يكشف - أو يسأل - عن سحنون؟ والله إن سحنون لأفضل وأخير من أن يسأل مثلى عنه.
فزاده ذلك شرفا، فاندفعوا عنه.
قال ابن وضاح: لو لم يكن له غير هذه (١٠٤).
وكان يقول: والله إني لأحب أن ألقى الله وأنا طالب.
ويقول: الخلائق كلهم أعداء بنى آدم، والخلائق وبنو آدم كلهم أعداء المسلمين، وجميعهم أعداء أهل السنة.
وكان يعود الأصدقاء، ويتعاهدهم، ويعود المرضى.
قال ابن حارث: نزلت نازلة أحضر لها ابن الأغلب فقهاء القيروان، فتقدم عون، فقال له ابن الأغلب: تقدم يا أبا محمد، فلك السن والجلالة، ألم يقل مالك كذا؟ ألم يقل؟ وهو يقول: نعم.
وحكى عون عن أبي محمد الضرير، قال: لي جار من الجن، جزاه الله عنى خيرا، أنس لأقوم من الليل أقرأ، فيسايرني بالقراءة.
قال سحنون: وأنا أجد ذلك آخر الليل.
قال بعضهم: كان عون شديدا على أهل البدع، قائما بالسنة.
قال سليمان بن سالم: كنت جالسا عنده إذ جاءه ثلاثة رجال، فأخبروه أن رجلا مات عندهم يقول بخلق القرآن.
فقال: أن وجدتم من يكفيكم مؤنته فلا تقربوه.
فسكتوا، ثم سألوه ثلاثا، كل ذلك يجيبهم بمثله.
فقالوا: لا نجد.
قال: اذهبوا فداروه من أجل التوحيد.
(١٠٤) هكذا وردت هذه العبارة في النسخ التي بين أيدينا، وعليه يكون جواب "لو" محذوفا، ويكون المعنى: لو لم يكن لعون بن يوسف الخزاعي إلا هذه الفضيلة التي ظهرت منه في هذا الموقف، حيث أثنى عاطر الثناء على سحنون، وهو خصم له، لكفاه ذلك شرفا وفضلا.