ومرت امرأتان وهو يصلي فقالت إحداهما للأخرى هذا البهلول. فقالت لئن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فقال البهلول هذه عرفتني. وقال له رجل يوماً يا مرائي. فقال له البهلول: قد أخبرتها بذلك، يعني نفسه، فأبت علي ولم تقبل، فاجتمع عليها شهادتك وعلمي.
وكان عند البهلول طعام، فغلا السعر فباعه ثم أمر أن يشترى له ربع نصف قفيز، فقيل له في ذلك، فقال نفرح إذا فرح الناس ونحزن إذا حزنوا. قال جماعة: إن البهلول مضى مرة يريد الجامع، فلما حاذى قصر الإمارة إذا خدم السلطان قد خرجوا من المطبخ يحملون القدور، فقالوا له تقدم. ووضعوا لوحاً عليه قدور على رأسه، فلما رآه الناس قاموا من كل ناحية فأرادوا البطش بهم، فاعتذروا بأنهم لم يعرفوه. فقال: أنا فعلته بنفسي ولا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه. فكان بعد لا ينصرف إلا بثياب حسنة. فقال بعضهم: رأيت البهلول منصرفاً إلى داره وعليه قلنسوة خز وساج طرازي، وقميص تستري ونعل طائفي. قال عون: صنع البهلول طعاماً وأحضر له جماعة من أصحابه، فقالوا له لم صنعت من غير سبب؟