قال القابسي: وصلت وفاة السبائي الى مصر، في تسعة عشر يوماً، لجلاته في قلوب الناس. وكان لموته بمصر وصية في قلوب الناس من أهل العلم. وكان الثعالبي بمصر يقول: إذا أكربني أمر فذكرت أن السبائي يدعو لي، يفرَّج عني. قال المالكي: كان رجلاً صالحاً فاضلاً مشهوراً بالعبادة والاجتهاد، كثير الورع وقافاً عن الشبهات، رقيق القلب، غزير الدمعة، متواضعاً، مجاب الدعوة، حسن الأخلاق، حميد الأدب، طلق الوجه، مجافياً لأهل البدع، شديد الغلظة عليهم، قليل المداراة لهم. قال ابن سعدون: كان من المتعبدين المتقدمين في العبادة، موصوفاً بالعقل والعلم. وكان مما شغل به نفسه، ذكر فضل الصحابة والثناء عليهم، لانتشار أمر المشارقة، فما كان أحد يذكر الصحابة إلا في داره. وكان يقول: رأيت عمر بن الخطاب في المنام فأمّنني.
[ذكر بدايته وعبادته وشمائله]
قال: وكان أبو إسحاق في ابتداء أمره، ولزومه العبادة، كثير الانزواء عن الناس. وكان مروان بن منصور الزاهد، مشهوراً. فكان الاختلاف إليه، الى أن مات. فانكشف أبو إسحاق. قال بعضهم: كان يخلو في مسجد أبي الحكم عشرين سنة، يخلو فيه بالعبادة، قبل أن يعرف. ولزم من سنة وثلاثمائة.