للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوما، فقال لى: يا أبا الحسن! بينا أنا أرجو أن أحشر في زمرة العلماء، أحشر في زمرة القضاة؟

قال ابن أخيه: ما رأيت قط أزهد فى الدنيا منه، كان ينهدم عليه بعض بنائه. فلا يصلحه، وما بني قط شيئا، ولا رأيت أكثر رباطا منه.

قال: وشهدت عبد الله بن وهب يقرأ عليه في منزله كتاب الأهوال، الذى كان يرويه أنه بلغه عن أبى هريرة، وشهده أبو أسامة البكاء، فأخذا فى البكاء، ثم ان أبا أسامة قام بتلك الرقة، وابن وهب على حالته من البكاء، والقارئ يقرأ، وابن وهب ينشج رافعًا صوته، حتى انى لأحسب من كان على خمسين ذراعا يسمعه، فلم يزل كذلك حتى مال على الحائط الذي كان مستندًا اليه، ثم احتمل الى منزله، فلم يزل على حاله لا يعقل حتى توفى، فكنا نرى أن قلبه تصدع.

قال يونس: قال ابن وهب: ان أصحاب الحديث طلبوا مني أن أسمعهم صفة الجنة والنار، وما أدرى أقدر على ذلك؛

ثم قعد لهم، فقرأوا عليه صفة النار، فغشى عليه، فرش بالماء وجهه، فقيل: اقرأوا عليه صفة الجنة، فلم يفق، وبقى كذلك اثنى عشر يوما، فدعى له طبيب، فنظر اليه فقال: هذا رجل انصدع قلبه.

وكانت وفاته سنة بمصر سنة سبع وتسعين ومائة، فيما قاله احمد بن صالح، وأبو عمر الكندى.

قال ابن الجزار: يوم الأحد لخمس بقين من شعبان، منها.

وقيل سنة ثمان وتسعين، وقيل سنة خمس أو ست وتسعين، وقال الباجي سنه * تسعين والأول أصح وأشهر.