وكان أولاً بزازاً. ثم لزم الرباط، حتى مات. أخذ عنه عيسى، وٌيره من أصحاب سحنون. وقال سحنون لرجل فاته بعض السماع منه: أين أنت من الشيخ؟ يعني عبد الرحيم أسمعها منه، فكأنك سمعت مني. قال ابن حارث: كان ثقة فاضلاً. ويقال إنه مستجاب الدعوة. كان عبد الرحيم كثير التهجد، طول ليله بين راكع وساجد، فكان السهر قد غيره، كأنه مبهوت. ومن كراماته ما حكاه المالكي: أن سحنون بلغه أن عبد الرحيم أقام ستة أشهر، لم يشرب ماءً، فأنكر ذلك سحنون. وركب مع جماعته من الشيوخ إليه فبات عنده وسأله عما بلغه، واستشفع عليه. فقال: ومن يأكل ولا يشرب؟ فلما انصرف عنه سحنون، رجعه، وقال له: سألتني عن شيء، فكتمته. ثم حاسبت نفسي. والذي قيل لك صحيح. ولي ستة أشهر، لم أشرب ماءً. وذلك أني كنت أصلي، فأصابني عطش شديد، فقلت افرغ من حزبك واشرب. فلما فرغت مددت يدي الى القسط، فانقلب، وذهب ما فيه من ماء. وكانت ليلة كثيرة الريح والبرد، والماجل أسفل القصر، فكبر علي النزول. وقلت: يا رب إن هذا أشغلني عن حزبي. فاحمل عني المؤونة. فأجابني من زاوية البيت، ولا أحد فيه، يقول: أنا من مؤمن الجن. أصلي بصلاتك، مدة. فمر هذه الليلة شيطان مارد، وهم علينا أضرّ مما هم عليكم، فحسدك ورمى لك في القسط شيئاً. فلو شربته لعرض في جسمك ما لا طاقة لك به. فلما مددت يدك الى القسط، سبقتك إليه، وأهرقته. قال عبد الرحيم: فأخلصت لله الدعاء، فحمل عني المؤونة. وإن احتجت الماء بعدُ شربتُه.