قال ابن الفرضي: وكان يذهب في الأشربة مذهب أهل العراق. وكانت فيه دعابة له فيها أخبار فاشية محفوظة. من غريبها التي كفت من عرفه أنه كان يمازح كثيراً أبا عقبة الأسوار بن عقبة. ويكنيه أبا عقبة بفتح العين والقاف. فلما تولى الأسوار القضاء بقرطبة، أتاه محمد بن عيسى، فشهد عنده مع آخر من أهل القبول. فاعلم على اسم ذلك دونه. وقال له: زدني في بينة. وذلك بمحضر الأعشى. فقال له الأعشى: أظنك أكرمك الله لم تقبل مثلها في شهادتي. فقال له: أنت أكرمك الله جاد في شهادتك هذه أو هازل. فإني أعرفك كثير الهزل، فعرفني إن كنت صدعت بها عن حق. فمثلك لا ترد شهادته. وإن كانت من اهتزالك فقد وقفتها. فقال عنه الأعشى منقطع الحجة. فكان يقول بعد ذلك قاتل الله الأسوار. فلقد قطعني عن كثير مما كنت أستريح إليه من الدعابة، بعد مجلسي معه. فربما هممت بالشيء فأذكر كلامه لي فيسمعني. قال أحمد بن سعيد: وعوتب في كثرة دعابته، وأن يتركها. فقال: علي لم يتركها للخلافة. فأتركها أنا للشهادة والعدالة. قال أحمد بن عبد البر: كان خيّراً عاقلاً، حليماً جواداً. روى عنه بقي ابن مخلد، وأصبغ بن خليل، ونظراؤهما وأصاب الناس مسغبة. وغلا السعر جداً. فأمر منادياً ينادي في الناس، من أحب أن يبتاع طعاماً بسعر يومه بتأخر عام، فليأت وكيل محمد بن عيسى وأمر وكيله بذلك فبادر الناس، فأخذوا منه حتى أوقف الله لي الذي أباحه لهذا.