فشكاه الذي نهبهم الى الأمير، ابراهيم. فأرسل إليه في إطلاقهم. فقال لكاتبه: أكتب إليه: " ويا قومِ ما لي أدعوكُم الى النجاة وتدعونني الى النار " الى قوله: " بصيرٌ بالعباد ". فلما قرأها، قال: هذا رجل يحاربنا بالله، لا حاجة لنا بهم.
أتركوهم. ووجه ابن الأغلب يوماً وراء ابن البناء. فغلط الرسول. فدعا عيسى، وذلك بعد مجيء الأمير ابراهيم، من سفرة، لم يشيعه فيها، عيسى، ولا لقيه إذ جاء. فلما أتى الرسول الى عيسى. أقبل فوجد ابراهيم في بستان. فلما رآه ابراهيم قال له ابتداءً، والله ما وجهت إليك. ولا أردت إلا ابن البناء. فانصرف عيسى من مكانه ذلك. ولم يصل الى الأمير ولا سلم عليه. فقال ابراهيم: يا قوم: أرأيتم مثل هذا القاضي. غبت فما شيع، ورجعت فما تلقى، ولا هنأ. بعثت وراء غيره. فغلط به الرسول. فاعتذرت له. فانصرف بعد أن رآني بغير تسليم، ردوه. فخرج بعد ذلك عليه ابراهيم. فقال له عيسى: الأمير أكرم من أن يعدني وعداً. ويعقد على نفسه عقداً. ثم ينقضه، فيما تقدم منه. من رفع المؤونة عني، فصارت مخالفة ما رسمه من طرح التكليف مما لا ينبغي أن أفعله ولا يجوز، وأما رجوعي بعد رؤيتي له، من غير تسليم، فرأيته جالساً في غير مجلسه للناس. فلو تركني. لسلمت.
فلما بادرني بالكلام، قبل السلام. ظننت كراهيته، لدخول هذا الموضع. فانصرفت مساعدة لذلك. وكان يقول للأمير ابرهيم عندما يُطنب في الثناء عليه، ويفتخر به: إنه مطيع.