فقال لو رأيتم لما أنكرتم علي ما ترون كنت آتي محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نكاد نسأله على حديث إلا بكى حتى نرحمه، ولقد أتى جعفر بن محمد وكان كثير المزاح والتبسم فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اخضر واصفر.
قال مالك ولقد اختلفت إليه زمان فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصلياً، وإما صائماً، وإما يقرأ القرآن.
وما رأيته قط يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على الطهارة: ولا يتكلم فيما لا يغنيه.
وكان من العباد الزهاد الذين يخشون الله وما أتيته قط إلا ويخرج الوسادة من تحته ويجعلها تحتي وأخذ يعدد فضائله.
وما رواه من فضائل غيره من أشياخه في خبر طويل.
قال بعضهم رأيت مالكاً صامتاً لا يتكلم ولا يلتفت يميناً ولا شمالاً، إلا أن يكلمه إنسان فيسمع منه ثم يجيبه بشيء يسير.
فقيل له في ذلك فقال وهل يكب الناس في جهنم إلا هذا وأشار إلى لسانه.
ولقد أن رجلاً دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه ويقول هذا الذي أوردني الموارد فإذا قال هو فكيف بنا إلا أن يتغمدنا الله برحمته.
وقال مالك كلما أجد في قلبي قسوة آتي محمد بن المنكدر فأنظر إليه نظرة فأتعظ أياماً بنفسي.
قال بشر بن عمر كان مالك لا يضحك فقيل له في ذلك فقال الضحك يدعو إلى السفه وقد بلغني أن ضحك النبي صلى الله عليه وسلم تبسم.