فأمر أبو بكر بإخراج موطأ ابن وهب، وكتب كثيرة، حتى تقرر عندهم حقيقة الحرف الذي اختلفوا فيه. فلما نظر أبو بكر الى الكتب والرزم، قد حلت ضاق، وقال لأبي ميمونة: يا هذا فيك استقصاء. وما أظنك تريد إلا أن تكون ديكاً. فقال أبو ميمونة: أكرمك الله. لو شئت أن أكون ديكاً في غير بلدي، كنت. فقال له أبو بكر: قم عنا ولا تغشَ لي مجلساً. قم يا هذا. واستحثه. فأخذ أبو ميمونة كتابه، ومجرته، ووقف وقال: اللهم إنك تشهد. قال المالكي: فخرجت في أثره، ومشيت معه، حتى أبعدنا وهو يسترجع. فقلت له: اجلس على هذا الدكان، حتى أرجع الى الشيخ، وأعود إليك. فرجعت وجلست بين يدي الشيخ، وقلت: أصلحك الله أنت شيخنا وإمامنا، وهذا رجل له قصد إليك، فترى إذا سألك الله لم طردته، أتقول له، لأنه قال لو شئت أن أكون ديكاً في غير بلدي. ما فعلتَ. أصلحك الله. وقلت مقبول عنك، ومسموع. فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. وكررها. ثم قال: يا أخي، ردّ الرجل، ويدع المعاتبة. فسرت إليه فرجع معي. فسلّم على الشيخ، وجعل بعد ذلك يختلف ويحضر السماع، والشيخ غير منبسط له. فشكا ذلك الى بعض أصحابه. فقالوا له: زوجته شابة. فلو أهديت إليها عطّفته عليك، وأصلحتْ لك جانبه.