لا يحبس عليه أبو ابراهيم وطاء غيره. والحكاية معروفة ليحيى بن يحيى، وذُكرت عن غيره. وذكرناها. وكان عند الناصر إعذار لبعض ولد بنيه، احتفل في استدعاء وجوه الناس له. فلم يتخلف عنه أحد إلا أبا ابراهيم، فافتقد مكانه، وساءه ذلك. فكتب إليه الحكم، يعتبه ويطلب منه وجه عذره. فأجابه أبو ابراهيم بما هذا نصه: سلام على الأمير، سيدي، ورحمة الله. قرأت - أبقى الله الأمير سيدي - كتابك، وفهمته. ولم يكن توقيفي لنفسي، إنما كان لأمير المؤمنين سيدنا أبقاه الله، ولسلطانه. لعلمي بمذهبه، وسكوني الى تقواه، واقتفائه لأثر سلفه الطيب، رضي الله عنهم. فإنهم كانوا يستبقون من هذه الطبقة، بقية. لا يمتهنوها بما يشينها، ويغض منها، ويتطرق الى تنقصها. يستعدّون بها لدينهم، ويتزينون بها عند رعاياهم، ومن يعدو عليهم من قضاتهم، فلهذا تخلفت، ولعلمي بمذهبه وفقه الله. فلما قرأ الكتاب الحكم، أعلم أباه الناصر، فاستحسن اعتذاره، وزال ما في نفسه، ووفى الشيخ بينته. وتوفي إسحاق بطليطلة وكان خرج مع الحكم، غازياً ليلة الجمعة في رجب، لعشر بقين منه سنة اثنتين. وقيل أربع وخمسين وثلاثماية. وسنّه خمس وسبعون.