لعبادة ربه، ويأكل ما يصنع بيده مثل بقل الفحص وما أشبه ذلك، ولبس الصوف وتوسّد الأرض، واعتزل امرأته باختيارها المقام معه، وكان لا يجالس أحداً البتة. قال القاضي موسى: كان أبو بكر فقيهاً قد عني بالحديث والمسائل، وكان ذا رئاسة في العلم والخبر، وشوّر وعظم جاهه، ثم أوقع الله تعالى في نفسه حب الآخرة والزهد في الدنيا، فزهد في الدنيا ولزم العبادة الى أن مات. وكان ابتداء تبتله عند انصرافه من دفن أبي بكر البيري الزاهد صاحبه، وكان يجالسه، وهو سهّل الطريق له الى العبادة بتدريج حتى تم له مراده، فكان يصوم النهار ويقوم الليل، حتى مات. وكان يخدمه أيام نسكه أبو بكر القرشي الزاهد، قال القاضي يونس الصفار: فعدت الى المعيطي في تبتله مرة في الجامع فوجدته على ما عهدته من الانبساط إليّ وكان بيننا المرافقة في طلب العلم، فذاكرته بحديث نقله ابن أبي الدنيا في أن الشاب إذا صدق في توبته عجلت منيته، فسرّ به وسألني أن أرسل إليه بالكتاب الذي وجدته فيه، فما عاش بعد ذلك إلا نحو شهرين ومات، وما رجع إليّ الكتاب إلا بعد موته وكان موته بعد انقباضه بسبعة عشر شهراً رحمه الله تعالى.