قال ابن القاسم: كنت أسمع من مالك كل يوم غلسا اذا خرج من المسجد ثلاثة أحاديث، سوى ما أسمع مع الناس بالنهار.
وفي رواية كنت أتى مالكا غلسا فأسأله عن مسألتين، ثلاثة، أربعة،
وكنت أجد منه في ذلك الوقت انشراح صدر، فكنت أتى كل سحر، فتوسدت مرة عتبته، فغلبتنى عينى فنمت، وخرج مالك الى المسجد ولم أشعر به، فركضتني سوداء له برجلها، وقالت لى: ان مولاك قد خرج، ليس يغفل كما تنفل أنت، اليوم له تسع وأربعون * سنة قلما صلى الصبح الا بوضوء العتمة. ظنت السوداء أنه مولاه من كثرة اختلافه اليه.
وفي خبر آخر: أنخت بباب مالك سبع عشرة سنة، ما بعت فيها ولا اشتريت شيئا. قال فبينما أنا عنده اذ قيل: أقبل حاج مصر، فاذا شاب متلثم دخل علينا فسلم على مالك، فقال: أفيكم ابن القاسم؟ فأشير الى، فأقبل يقبل عينى، ووجدت منه ريحا طيبة، فاذا هي رائحة الولد، واذا هو ابني؛ وكان ترك أمه به حاملا، وكانت ابنة عمه، وكان اسمه عبد الله، وكان خير أمه عند سفره لطول اقامته، فاختارت البقاء.
ولم يذكر الناس عبد الله بن عبد الرحمان بن القاسم هذا في ولده، وسنذكرهم، ولعله مات شابًا قبله، والله أعلم.
قال أبو زيد: سمعت ابن القاسم يقول: ما ضن أحد بعلمه فأفلح، لقد كنت أحضر مجلس مالك فأسمع منه، فاذا لم يحضر أصحابي سألوني ما سمعت، فأخبرهم، ويحضرون ولا أحضر، فأسألهم فلا يخبرونني.
قال ابن القاسم: كأنى كنت أنا وأشهب نختلف الى عالمين مختلفين، لاختلافهما في الرواية.