وكان عيسى لا ينزل الى القيروان. فولى مظالمها، سليمان بن سالم، وأطل له النظر في مائة دينار. ثم عزله. وولاه قضاء صقلية. وولي مكانه ابراهيم بن الخشاب، واستكتب له أبا بكر بن اللباد. فكان يجري على رأيه، ولم يكن لابن الخشاب فقه، وولى على الحسبة، أبا القاسم الطرزي، قال أبو بكر اللباد: شاهدت ابن مسكين في جنازة بعض نساء الأمير ابراهيم، جالساً في المقبرة. إذ جاء الأمير أبو العباس، فقام إليه الناس، وسلموا عليه، وعيسى جالس. ما حل حبوته. فلما نظر إليه. قال: يا قاضي: السلام عليكم ورحمة الله. فقال له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. ثم سار إذ جاء أبوه ابراهيم، فوقف إليه الناس، وعيسى على حاله، ما حل حبوته. فلما رآه الأمير مال إليه، فلما حاذاه، قال السلام عليك يا قاضي. فردّ عليه. ثم نزل فقدّم عيسى للصلاة عليها، وبعث الأمير به الى تونس، فرغب بعض أهلها في نزوله عنده. فأنزله في دار حسنة، فقصد الى بيت مُسوّدٍ من الدخان، بابه تحت درج، فنزل فيه فسئل عن ذلك. فقال: يأتيني رجال السلطان فيطيلون الجلوس، إذا أصابوا مكاناً حسناً. وهاهنا من أتى منهم، سلّم وانصرف. وعوفيت منهم. قال القاضي رحمه الله تعالى: ونقلته من خط ابن الحارث: سمعت بعض الشيوخ يحكي، أن رجلاً كان واقفاً على جزار فرماه رجل بشيء، فحاد عن الرمية، فسقط، فاعتل، فمات، وخاصم ورثته، الرامي الى عيسى بن مسكين. فأثبتوا عليه الرمية. فقضى لهم عيسى بالقتل، بعد القسامة.