وترك جميع ما كان فيه. ولزم قصر الرباط، قال أحمد بن أبي سليمان: قلت لواصل، بلغني أنك لم تشرب الماء دهراً. فقال لم أشربه ثمانية أشهر. ثم غلبتُ. وذلك أني كنت في البسبس والموز، والمرق. قلت له: فالخبز. كم لك لم تأكله. قال أكثر من عشرين سنة. فلما استغنيت عنه، تركته تأديباً لنفسي. قلت له: بلغني أن إبليس كلمك. قال: لا. قلت له: فرأيته؟ قال: دخلت عليّ جارية من المسجد في حلي وصياغ، فقمت إليها بالعصا، فهربت. فاتبعتها الى باب القصر فوجدت القصر مسدوداً. فعلمت أنها إبليس.
[بعض ما يحكى من كراماته]
ذكر أنه لما نزل قصر الرباط، لقي شيئاً أقام فيه أياماً، مقبلاً على الصلاة والصوم. فتبين فيه أهل الحصن، الضعف، من كثرة مداومته، وقلة غذائه. فأتوه ليالي بطعام يفطر عليه، من الشعير والبقل. فلما طال عليهم، تركوه. فأقام ليلة وثانية، لم يطعم فيها شيئاً. فلما كان في الثالثة إذا بضارب يضرب عليهم باب القصر، فسألوه، فقال: غلام فلام، رجل من مشاهير القيروان مذكور بخير،