وإني وقد طال انتظاري علاجه ... فأكملت ما قد كان، غير مكمل
وهذا أبو بكر فأعدل شاهد ... يقول مقالي لا محالة فاعدل
ورفقاً بخل غير جلد لعاتب ... على أنه جلد لدى كل معضل
وهي أطول من هذا.
[بقية أخباره رحمه الله]
حدّث أبو القاسم أحمد بن يوسف، معلّم الخليفة هشام، قال لي: انصرفت من الحج، فصيّرني ولي العهد الحكم لمقابلة كتبه، وأجرى لي على ذلك رزقاً. فأتاني ابن السليم، وهو يومئذ معتزل عن السلطان، على غاية من التقشف، يقعد عندي، وأقبل يعذلني ويقول: يا أبا القاسم بعد طلب العلم، وتقييد الحديث، والرحلة فيه، ركنت الى هؤلاء القوم، واستهوتك دنياهم. فقلت له: وما الذي وليت لهم، إنما هي كتب علم، لمثلها كان سعيي، أصححها لهم بأجرة؟ فقال لي: لا تقل هذا. فقد أعلقتك حبالهم، فلن تقلها. فمن هنا يزفونك الى غيره، ولا يمكننا خلافهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، على عظم المصاب بك. ثم مدّ يده الى كمه، وأخرج منه حجرين، وقال لي: خذهما واضرب بهما صدرك، ونُح علي نفسك، سلام عليك. وخرج عني، وتركني أبكي علي، فما مضت الأيام، حتى صار الى منزلتي. ثم ارتقى الى الشورى، ثم الى المظالم، ثم الى قضاء الجماعة، فانتهى الغاية. فأردت معارضته، فأمرت جاراً بحمل حجرين ضخمين، وبعثت معه غلاماً بعد صلاة العتمة. حتى أنزلهما باب القاضي ابن السليم، وأنزلهما الى مصراعيه، فلما قام القاضي لصلاة الفجر، وفتح بابه سحراً،