وذكر بعضهم، أن درة جليلة خرجت من دار السلطان ببغداد، لبعض الأمراء. فوصلت لمجلس القاضي اسماعيل، فاستحسنها كل من حضر، وجعل يقلبها، وفي المجلس رجل من المغاربة من أصحاب سحنون، فلم يمد يده إليها، وامتنع من تقليبها، فقال له القاضي اسماعيل: خبرني لمَ لم تفعل. وكأنه فم مراده. وقال له: هي لغير مالكها، وحكمها حكم اللقطة. فلزم ضمانها، ملتقطها، حتى يؤديها الى مالكها. فلو أخذتها. لضمنتها أو نحو هذا من الكلام. فاستحسنه القاضي، ودلّ على فضل قائله. قال ابراهيم بن حماد: كان عمي اسماعيل ينشد:
هِمَمُ الموت عالياً فمن ث ... مّ تخطى الى لُباب اللُّباب
ولهذا قيل الفراق أخو المو ... ت لإقدامه على الأحباب
وذكر الدلائي في كتابه عن ابن أبي ذر، أن المعتضد كانت له حظية يحبها. ولها ابن أخت حجر عليه اسماعيل القاضي بعد موت والد. فشكت أمه ذلك الى أختها. ورغبت سؤال المعتضد، ليأمر القاضي بفكه من الحجر. فلما جاء المعتضد الى حظيته، سألته في ذلك. فكتب رقعة بخطه الى اسماعيل يأمره بفك الحجر عن الغلام، وختمها ووجهها مع وزيره إليه. فعظم ذلك على الوزير، وكتمانه عنه. فلما وصل به اسماعيل، فكه، وكتب على ظهره، وختمه ورده مع الوزير. فكان ما فعله اسماعيل أشد على الوزير. فلما وصل به الخليفة، وفتحه ونظر فيه. بكى. وكان بعيد الدمعة. ثم رمى به الي الوزير، وقال أنظر بما كتب إلينا اسماعيل.