وقلت: ليس لك عليه سبيل إلا في الثلث الذي فرضت إليه. فإن كان أنفذه في وجوهه، فلا سبيل لك عليه. وطال المجلس، وأخذ الأمير ضامناً على ابن طالب، ويخلى. فخرج ابن عمران القاضي الى الوزراء، فشكاني، وقال: هذا نقض أحكامي. فرد الأمير فيه إليه. فرده الى السجن. ثم عفا عنه. وكان في سجنه في القصة الأخيرة، بلغه أن ابراهيم هم فيه بأمر. فحكى أنه فرغ الى الدعاء. فكان من دعائه ومناجاته: اللهم إن كنت علمت مني أنه إذا جلس الخصمان بين يدي، فكان في أحدهما رضاك، وفي الأخرى رضا ابراهيم، إني أؤثر رضاك. فاعصمني منه. وإن علمت أني أؤثر رضاه، على رضاك. فسلطه علي. فكفاه الله ما هم به ابراهيم من تلك القصة. وقيل إن ابراهيم تبرأ في تلك المطالبة بأمر فأوجع قلبه. فقال: اللهم إنه رماني بذنب، لم أرتكبه. اللهم لا تمته حتى تشهّر به. فأجيبت دعوته، وانكشف ابراهيم.
[قال المؤلف رحمه الله تعالى]
وقد وقت في كتاب تاريخ قضاة إفريقية، على نسخ السجل الذي عزله به، وثبت فيه مثالبه ومذاهبه، التي أجلبها عليه. وفيه رميُه بهذه الكبيرة المذكورة. أنصفه الله منه. وكانت وفاة ابن طالب بعد عزله، بنحو شهر. سنة خمس وسبعين ومائتين. وهو ابن ثمان وخمسين سنة. مولدة سنة سبع عشرة، ومائتين. ورثاه أحمد بن أبي سليمان بقصيدة طويلة أولها:
تهولت الدنيا لموت ابن طالب ... وأظلمت الآفاق من كل جانب
أمام هدى حلت بنا فيه نكبة ... من الدهر عظماً أصبحت بالعجائب