قال محمد بن بشر المؤدب: مضى بي أبي وأنا صغير إلى المرابط بقصر الطوب، فدخلنا على جبلة، فقال لقد أضمرت اليوم أن أفطر، وسألت الله أن يأتيني بمن أفطر معه، فأخذ شقفة وجعلها على نار، فطبخ عليها عصيدا، فأكلنا فيها، فكانت قدرنا وصحفتنا.
ثم قال: يا بني! اشته ما شئت.
فخطر ببالى تين أخضر، وليس بزمانه، فذكرت ذلك له، فمد يده جبلة في قلة، فأخرج لي خمس تينات خضر.
قال أبو ميسرة: كنت أتى إلى جبلة، فأستأذن عليه، فأسمع معه كلاما غير كلامه، فأدخل فلا أرى معه أحدا، فأسأله في كتاب لأختبر ما في البيت، فيقول لي: خذه من البيت، فلا أجد في البيت أحدا، فكان يذكر أنه يجتمع بالخضر.
وأمر يوما فتى بشيء فلم يفعل، فقال له: سماك أبوك سحنونا (٣٩٩) ويأتى الناس منك شر! أو نحو هذا، فبعد قريب تولى المحرس بالقيروان.
وقال لآخر من أصحابه: ليس يكون إلا شرا من أبيك، وكان أبوه على المحرس، فبعد ذلك تشرق الفتى.
ودخل على جماعة من أصحابه وهم يضحكون، وقد رفعوا أصواتهم، فقال لهم: لا ينفعكم الله بالعلم.
قال ابن أبي عقبة: فما علمت أن أحدا منهم ذكر.
ولما خرج أهل القيروان للقاء الشيعي، مداراة له، غمه ذلك، وقال: اللهم لا تسلم من خرج يسلم عليه.
فجردوا في الطريق.
(٣٩٩) وردت هذه العبارة في نسخة ا: كما يلي: "أبوك أبوك سحنونا ويلقى الناس منك شرا" - ووردت في في نسخة ط كما يلي: "سماك أبوك سحنونا، ويأتي الناس منك شر".