للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر سيرته في قضائه]

قال ابن حارث: كان ابن بقى من خير القضاة، له من الأخبار في الوقار والاحتمال واللين ما بذبه أهل وقته، وما قصر فيه أسلم المتقدم قبله، بالعنف وفقا، وبالاستقصاء اغضاء، مع الاستثبات في القضاء، والاحتراس من الخداع.

ذكر أنه لم يضرب أحدا بسوط مدة قضائه، وكانت نحوا من عشرة أعوام، الا رجلا واحدا مجمعا على فسقه.

وأمر يوما بحبس رجل أتى بما يوجب ذلك، فلما ذهبوا به قال لمن حوله: أرغبوا الى فى اطلاقه، لئلا أبيت بهمه، ففعلوا، فأمر برده وقال له: لولا رغبة من رغب فيك لأطلت سجنك.

واستطالت امرأة في مجلسه، وآذته بصلفها (٦٦١) في خصامها لزوجها، فنظر اليها القاضى وقال لها: أقصرى والا عاقبتك.

فانكسرت شيئا:: ثم عادت لحالها.

فعطف عليها وقال لها: أنت ظالمة، قالها ثلاثا، ثم قال لها:: ألم أخوفك؟

فهذه كانت عقوبتها التي هددها بها.

وكان من شأنه أن ينفذ من الأمور الظاهرة التي لا ارتياب فيها، ويتمهل فيما التبس عليه منها، ويثاقل بامضائه، حتى تظهر له الحقيقة أو يصير المتخاصمان الى التصالح والتراضى، أو يعذر في الحجة.

وكلم فى ذلك فقيل له: انك لتعاب بلين الجانب والتطويل في الخصومة.

فقال: أعوذ بالله من لين يؤدى الى ضعف، ومن قوة توقع في عنف.

ثم جعل يذكر فساد الزمان واحتيال الفجار.


(٦٦١) أط: بصلفها -م: بتصلبها.