وأتى ابن طالب فركع الى جانب ابن سحنون، وسليمان بن عمران عند المنبر. فلما خرج ابن أبي الحواجب الى المقصورة، وهي حجرة قبلي الجامع، ورفع رجله الى درجة المنبر، صعد ابن طالب على المنبر، وقد تقلد السيف، ومد القيّم يده الى ثوب ابن أبي الحواجب، فجبذه، وكان سليمان بن عمران جالساً، وقد نعس حينئذ، فما راعه إلا صوت ابن طالب، وكان فصيحاً، يقول: الحمد لله الذي يشكر على ما به أنعم، والحمد لله الذي عذب على ما لو شاء منه عصم، والحمد لله الذي على عرشه استوى، وعلى ملكه احتوى، وهو في الآخرة يرى. فعلت سليمان بن عمران كآبة، وتهلل وجه ابن سحنون. واستمر ابن طالب في خطبته، وتمت الصلاة. فلما انصرف سليمان الى منزله، جمع شيوخ القيروان، وأمرهم أن يسيروا الى الأمير، ليزكوا عنده ابن أبي الحواجب، ويسألوه رده على الصلاة. فبلغ الخبر ابن سحنون فوجه الى الحضرمي، فأعلمه بالأمر. فلما أطل القوم على القصر، أرسل إليهم الحضرمي، أما تستحيُون أن تسألوا الأمير، أن يحط ابن عمه، ومن أراد التنويه به، وأن يشرف صاحبكم - وكان ابن طالب من بني عم الأمير - انصرفوا. فإنا لا نسألكم عن تزكية، ولا جرحة. فانصرف القوم، فكانت تلك أول نكبة سليمان. ثم لم تزل أمور ابن طالب تنتمي، الى أن عزل سليمان وولي ابن طالب قضاء إفريقية مكانه. ووجه ابن الأغلب في ابن سحنون، فسأله ما تقول في يزيد؟ فقال أصلح الله الأمير. ما أقول ما قالت الإباضية، ولا ما قالت المرجئة. قال: وما قالت؟