للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن إدريس: صحبت العلماء بالمشرق والمغرب، ما رأيت مثل ثلاثة: أبى بكر بن اللباد، وأبى الفضل الممسى، وأبى إسحاق بن شعبان.

وذكر بعض ثقات أصحابه أنه نظر إلى رجليه بعد أن فلج، وقد تغيرتا وانتفختا، فبكى ثم قال: اللهم ثبتهما على الصراط يوم تزل الاقدام، فأنت العالم بهما، والشاهد عليهما أنهما ما مشتالك في معصية.

وألف أبو بكر كتاب الطهارة، وكتاب عصمة النبيئين صلى الله عليهم أجمعين، وهو كتاب إثبات الحجة في بيان العصمة، وكتاب فضائل مالك بن أنس، وكتاب الآثار والفوائد (٨٤٥)، عشرة أجزاء.

***

[ذكر أخباره وإجابة دعوته وبراهينه وجمل من فضائله]

قال محمد بن إدريس: كنا يوما عند ابن اللباد نقرأ عليه، حتى سمعنا فوق البيت حركة، فسأل الشيخ خادمه عنها، فقالت: جعفر بن القوام يطارد الحمام.

فقال: اللهم أصلحه.

فما كان إلا بعد يوم أو يومين، حتى قرع علينا الباب، فأذن له، وجلس في الحلقة، فقال له الشيخ: اجلس يا مومن آل فرعون إلى أن نفرغ، وكان أجداده كلهم عراقيين.

فواظب السماع، وانتفع بدعائه، ولزم السبائى، وبلغ في العبادة مبلغا عظيما.

وحكى المالكى أنه دعا على ثلاثة فأجيبت فيهم دعوته، أما أحدهم فدعا عليه بالجنون، وعلى الآخر بالعمى، فرأيتهما كذلك، وآخر بالجلاء، فمات في بلد السودان.


(٨٤٥) ط م: والفوائد - أ: والفرائد.