إلى الجامع في محفة، ويركب حماراً مبرقعاً، وطولب بلباس السواد فامتنع، فخوفه أصحابه سطوة السلطان واتهمه لتولي قيصر أمية. فلبس كساء صوف أسود. قال بعضهم: رأى بعض من بمصر كأن ابن أكتم ذبح الحارث بن مسكين. فلم يكن حتى جاءه قضاء مصر. وكان على يدي ابن أكتم قاضي القضاة حينئذ. قال أبو محمد الضراب في كتابه: روى الحارث عن ابن وهب، عن مالك في رجل يدعى للعمل فيكره أن يجيب إليه، وخاف على دمه أو جلد ظهره وهدم داره، كيف ترى في ذلك؟ فقال أما هدم داره أو جلد ظهره أو سجنه فإنه يصبر على ذلك، ويترك العمل خيراً له. وأما أن يباح دمه فلا أدري ما حدث ذلك، ولعله في سعة من ذلك، أن عمل. قال يونس: روى الحارث هذا الخبر وولي. والله لقد سألني حارث: تراني أهلاً للفيتا كما قال مالك؟ وحكى القاضي يونس: ولي جعفر المتوكل الحارث، قضاء مصر، بعد أن سجنه على إبائه، ذلك زماناً.
قال محمد بن عبد الوارث: كنًّا عند الحارث فأتاه علي بن القاسم الكوفي، المدني. فقال له: رأيت في النوم الناس مجتمعين في المسجد الحرام، فقلت ما اجتماعكم؟ فقالوا عمر بن الخطاب جاء يقعد الحارث بن مسكين للقضاء. فرأيته أخذه وسمر مقعده في الحائط، وانصرف. فتبعته، فلما أحسّ بي، قال: ما تريد؟ قلت أنظر إليك.