ولأبي زيد بن أبي الغمر فيها اختصار، وللبرقي فيها اختصار أيضا، وهو الذي كان صححها على ابن القاسم، وعليها كان مدار أهل مصر؛
قال أحمد بن خالد: كان واضع كلام ابن القاسم - يريد الأسدية - رجل من أهل مصر يقال له الأحدب، فأخذها سحنون ودونها وأدخل فيها الآثار.
قال سحنون: عليكم بالمدونة فإنها كلام رجل صالح وروايته.
وكان يقول: إنما المدونة من العلم بمنزلة أم القرآن من القرآن، تجزئ في الصلاة عن غيرها، ولا يجزئ غيرها عنها، أفرغ الرجال فيها عقولهم، وشرحوها، وبينوها، فما اعتكف أحد على المدونة، ودراستها، إلا عرف ذلك في ورعه وزهده، وما عداها أحد إلى غيرها إلا عرف ذلك فيه، ولو عاش عبد الرحمان أبدا، ما رأيتموني أبدًا.
قال محمد بن عبد الحكم: جاء ابن وهب إلى أبي بعد موت ابن القاسم، فقال له: تبر (٣٧٧) ابن القاسم في قبره، لا ترو عنه شيئا من كتبه، يعني الأسدية. فما روى أبي منها شيئا إلا مثل المسألة والمسألتين على سبيل المذاكرة؛
ومال أسد بعد هذا إلى كتب أبي حنيفة، فرواها وسمعها منه أكثر الكوفيين يومئذ، ومال إليهم؛
ولما أحرق عباس الفارسي كتب المدونة وغيرها من كتب المدنيين،
(٣٧٧) أ، م: تبر ابن القاسم، أي هلك، وهي بالبناء للمعلوم، بفتح التاء وكسر الباء، - ط: قبر، مشكولة بضم القاف وكسر الباء - ك: بياض مكان الكلمة.