وسمعها عليه، وأسقط منها ما كان يشك فيه من قول مالك، وأجابه فيه على رأيه وكتب إلى أسد أن عارض كتبك بكتب سحنون، فإني رجعت عن أشياء مما رويتها عني؛
فغضب أسد، وقال: قل لابن القاسم: أنا صيرتك ابن القاسم، أرجع عما اتفقنا عليه إلى ما رجعت أنت الآن عنه؟
فترك أسد اسماعها؛
وذكر أن بعض أصحاب أسد دخل عليه وهو يبكي فسأله، فأخبره بالقصة، وقال: أعرض كتبي على كتبه وأنا ربيته؟
فقال له: هذا، وأنت الذي نوهت بابن القاسم؟
فقال له: لا تفعل، لو رأيته لم تقل هذا.
وذكر أن أسدًا هم بإصلاحها فرده عن ذلك بعض أصحابه، وقال له: تضع قدرك؟ تصلح كتبك من كتبه وأنت سمعتها قبله؟ فترك ذلك؛
فذكر أن ذلك بلغ ابن القاسم فقال: اللهم لا تبارك في الأسدية.
قال الشيرازي: فهي مرفوضة إلى اليوم.
قال الشيرازي: واقتصر الناس على التفقه في كتب سحنون، ونظر سحنون فيها نظرًا آخر. فهذبها وبوبها ودونها وألحق فيها من خلاف كبار أصحاب مالك ما اختار ذكره، وذيل أبوابها بالحديث والآثار، إلا كتبا منها مفرقة بقيت على أصل اختلاطها في السماع، فهذه هي كتب سحنون المدونة والمختلطة، وهي أصل المذهب، المرجح روايتها على غيرها عند المغاربة، وإياها اختصر مختصروهم، وشرح شارحوهم، وبها مناظرتهم ومذاكرتهم، ونسيت الأسدية فلا ذكر لها الآن، وكان لمحمد بن عبد الحكم فيها اختصار