وجرت بالقيروان مسألة في الكفار، هل يعرفون الله أو لا؟ فوقع فيها تنازع عظيم بين العلماء. وتجاوز ذلك الى العامة، وكثر التمادي بينهم، حتى كان يقوم بعضهم الى بعض في الأسواق، ويخرجون عن حد الاعتدال الى القتال. وكان المتهجم بذلك رجل مؤدب يركب حماره، ويذهب من واحد الى آخر. فلا يترك متكلماً ولا فقيهاً إلا سأله فيها وناظره. فقال قائل: لو ذهبتم الى الشيخ أبي عمران لشفانا من هذه المسألة. فقام إليه أهل السوق بجماعتهم، حتى أتوا باب داره واستأذنوا عليه، فأذن لهم. فقالوا له: أصلحك الله، أنت تعلم أن العامة إذا حدثت بها حادثة، إنما تفزع الى علمائها. وهذه المسألة قد جرى فيها ما بلغك، وما لنا في الأسواق شغل إلا الكلام فيها. فقال لهم: إن أنصتّم وأحسنتم الاستماع أجبتكم