قال: وكنت يوما جالسا معه على باب داره، إذ خرج رجل من جيرانه، ولم يسلم، فجعلت انظر إليه، فقال لي: يا أبا عبد الله! إن أزهد الناس في العالم أقاربة وجيرانه.
وقال مرة أخرى في مثلها: ما قرب الخير من قوم قط إلا زهدوا فيه.
وذكر الأجذابى أن أبا بكر جلس يوما عند إسماعيل المؤدب جاره، ليتفرج، ويرى الناس، فكان الناس إذا جازوا عن ذلك الموضع، رجعوا عن طريق آخر، هيئة له، فقال: ما بالهم؟
قالوا: من أجلك وهيبتك.
فقال: إنما جلسنا في هذا الموضع لنتفرج، لا لنضر بالناس في طريقهم. ثم قام.
وكان يحضر مجلس السبت بالقيروان، ويقول لمن أنكر عليه ذلك، قال الله تعالى: ولا يطأون موهئا يغيظ الكفار (٨٤٧).
قال: وحضور السبت مما يغيظ بنى عبيد.
ورفع إلى المهدية لعبيد الله ليتولى قضاء صقلية، فاعتذر وقال: صرت في جد لو كنت على القضاء لوجب ألا أولى، فكيف ابتدئ الآن، وقد كبرت سنى ودخلتنى زمانة؟
ثم عرض لهم بنصر كفه اليمنى وقد تشنج.
وكان أبو بكر يقول: البر شيء هين، وكلام لين.
***
[ومن أخباره ﵀]
قال أبو بكر: أدركت بالقيروان أقواما كانوا أغنياء فافتقروا، وما ذاك إلا أنهم اتجروا بالحنطة في أبار الشدائد.