الشافعي يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس، لوجب أن يدفع الى أبي بكر الأشعري. وكان بعضهم يقول: جاء في الأثر أن الله تعالى، كان يتعاهد عباده بأنبيائه ورسله، فلما ختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم، تعاهد أمته في رأس كل مائة عام برباني من علمائها، يحيي لها دينها، ويجدد شريعتها، فكان إمام رأس أربعماية: أبو بكر بن الطيب رحمه الله تعالى.
[ذكر فضله وسيرته ووفاته]
قال أبو عبد الله الصيرفي: كان صلاح القاضي أكثر من علمه، وما نفع الله هذه الأمة بكتبه، وبثها فيهم، إلا بحسن نيته واحتسابه بذلك. قال: وكان يدر نهاره، وأكثر ليله. وذكر من فضله كثيراً. وحكى أبو بكر الخطيب: كان ورد القاضي كل ليلة عشرين ترويحة، ما ترك ذلك في حضر ولا سفر، وكان كل ليلة إذا صلى العشاء وقضى ورده، وضع الدواة بين يديه، وكتب خمساً وثلاثين ورقة تصنيفاً من حفظه. وكان يذكر أن الكتابة بالمداد، أسهل عليه من الكتابة بالحبر. فإذا صلى الفجر، دفع الى بعض أصحابه ما صنفه ي ليلته، وأمره بقراءته عليه. وأملى عليه الزيادات فيه.