للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: يا بنى: انك ترد على أهل العراق، ولهم لطافة أذهان، وألسنة حداد، فاياك أن يسبقك قلمك لما تعتذر منه.

وذكر أبو القاسم اللبيرى (٢٦٠) أن ابن سحنون، أتى بعد موت سحنون هو وأصحابه زائرا إلى عبد الرحمان (٢٦١) بن عبد ربه الزاهد، فسلم عليه، فرد وتركه جلس حيث انتهى به المجلس، ولم يقبل عليه حتى انصرف.

فلما كانت الجمعة الأخرى، استنهض محمد (٢٦٢) أصحابه لزيارته ثانية، فقالوا له: رأيناه لم يقبل عليك.

فقال: ليس هذه بغيتي، هو رجل صالح، ترجى بركة دعائه، وقد كان سحنون يأتيه ويتبرك بدعائه ويلجأ إليه عند المهمات.

فعاد إليه ابن سحنون وأصحابه، فلما رآه قام على رجليه، ورحب به، وأجلسه في موضعه، ولم يزل مقبلا عليه حتى انصرف.

فقيل له في ذلك، مع فعله الأول.

فقال: والله ما أردت بذلك إلا الله، رأيت اجتماع الناس عليه، فخفت فتنته، فعملت ما عملت، لأجربه، فرأيت في ليلتى قائلا يقول لي: مالك لم تقبل على ابن سحنون، وهو ممن يخشى الله؟

وفي رواية: وهو ممن يحب الله ورسوله.

فبلغت ابن سحنون، فبكى بكاء * شديدا، وقال: لعله بذبي عن سنة رسول الله .

ولما خرج إلى الحج، نزل بمصر على أبى رجاء بن أشهب بن عبد العزيز، فقصده علماء مصر ووجوهها، يسلمون عليه، وابن المدني (٢٦٣)،


(٢٦٠) ك م: اللبيري - ط: اللبري - ا: السدي.
(٢٦١) ا. ك. م: عبد الرحمان - ط: عبد الرحيم.
(٢٦٢) ا: استنهض محمد أصحابه - ط، ك. م: استنهض محمد وأصحابه.
(٢٦٣) ا، ك: وابن المدني - ط. م: وابن المزني.