فأبيا عليه، فكتب إلى هارون فأجابه: تالله لئن ولينا أعمالنا أشرارنا ليرون ذلك من حيفنا وجورنا، ولئن وليناها خيارنا ليأبون علينا. اضرب كل واحد منهم ثلاثين سوطاً في كل يوم حتى يلياها. وكان سلمة قد أنهكته العبادة وما بقي فيه شيء، فقال لهما الوالي: والله إنكما لمن أجل أهل المدينة عندي، والله لأنفذن فيكما كتاب أمير المؤمنين أو تليانها. فبكى سلمة، وقال الدراوردي: والله إن ضربت ثلاثين سوطاً لأموتن. فقال له الدراوردي: ويحك يا سلمة تموت تحت السياط خير لك من النار. فقال سلمة: إنك والله قد وجدت مس السياط، فأتت لا تباليها. فكلم الناس الدراوردي، وقالوا إليه: إنما هي صدقة على المساكين وأنت فيها مأجور فولياها جميعاً، وقد كان هارون حلف على الدراوردي قبل هذا في عمل أراد أن يستعمله فيه فأبى فحلف ليضربنه أو ليلين، فحلف الدراوردي فضربه اثنين وثلاثين سوطاً موجعة فما ولي. توفى سنة ست وقيل خمس وقيل سبع وثمانين ومائة بالمدينة.