للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يحيى ألف كتابا في النهى عن حضور مسجد يوم السبت، وكان مسجدا بربض المبلس (٣٩٤)، بالقيروان، يجتمع إليه جماعة من أهل الصلاح والفقه والرقة، ويقرأ فيه القراء، وينشد أشعار الزهد.

فصلي المغرب رجل مع يحيى، فلما أكمل الصلاة قرأ الرجل: "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه" (٣٩٥)، الآية، فبكى يحيى بن عمر، ثم قال: اللهم أنه لم يقرأها لوجهك، وإنما أراد بذلك نقصي، فلا تقله عثرته.

فوالله ما حمل الرجل من مكانه إلا ميتا.

ويقال: مات ليلته.

وحكى أنه مر على محلة مر على محلة قوم يكبرون، أيام العشر، فنهاهم، وقال لهم: هي بدعة.

فلم ينتهوا.

فيقال: أنه دعا عليهم، فصار موضعهم بعد خرابا.

قال الزويلي: كان يحيى بن عمر، ينصب له كرسى في الجامع للسماع، فيجلس عليه يسمع الناس، وما علمت أنه عمل ذلك لغيره.

قال اللبيدى: سمع عليه خلق عظيم من أهل القيروان، في الجامع بالقيروان.

وكان إذا انصرف من الجامع تبعه الناس.

وبينا هو يوما يسمع الناس في خلق عظيم، جاءه كتاب من أبي زكرياء يحيى بن زكرياء الأموى، فلما فكه، أسكت القارئ، وقال لمن حضر: صاحب هذا الكتاب من جده على جدى بالعتق. ذكر ذلك تواضعا منه لله.


(٣٩٤) ا: المبلس ط: المسلق.
(٣٩٥) الآية ١١٤ من سورة البقرة.