للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ابراهيم الأمير يقول: على بابي رجلان أحدهما يخاف الله، ولا يخافني. والثاني يخافني، ولا يخاف الله. فأما الذي يخاف الله ولا يخافني، فهو ابن طالب. والثاني فلان. فذلك عظيم الحرمة عندي. وهذا الذي يخافني، صغير عندي. قال بعضهم: ذكرت ذلك لابن طالب، فقال: صدق. قال القصري: كان ابن طالب، يذكر تنازع أصحابنا في المسائل، فربما ذكر في المسألة خمسة أقوال، أو ستة. ثم تسيل دموعه، ويضع خده على الأرض، ويقول: يا فتى: أردت أن يقال فقيه. فهل معك عمل صالح، تنجو به من عذاب الله، وإلا فما يغني هذا عنك. وما رأيت أكثر دموعاً عند ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم منه. وكان مع ذلك يقول أعجبتني نفسي، فأقول: يا ابن طالب هبك أعظم الناس قدراً، وأكثرهم علماً، أليس يشفع وراء ذلك كله الموت؟ ومن كرم أخلاقه، ما حدث به محمد بن محمبوب. قال: كنا عنده يوماً، فخاطبه بعض أهل مجلسه بخطاب خشن، لم يخاطب مثله بمثله. فنظر بعضهم الى بعض، وتمادى ابن طالب في مكالمته كأنه ما سمع مكروهاً. فلما قام الرجل، قال لنا ابن طالب: رأيت نظر بعضكم الى بعض، وقلت في نفسي: رجل قصدني، يؤدي الذي يجب من حقي، هنا عليّ، أصول عليه بسلطاني؟ هذا من اللؤم. وكانت لصاحبه عبد الرحمن بن عمران المعروف بابن الورنة، ابنة. خاصمها زوجها الى ابن طالب، في أمر يجب فيه بينهما اللعان. فماطلهما ما أمكنه. ثم ألح الزوج عليه، حتى حكم باللعان، وتلاعنا، وتفرقا. وكان عبد الرحمن كثير الزيارة له من أجل العلم، والمناظرة.

فقال ابن طالب لأصحابه، المتكلمين عنده في العلم: إذا حضر عبد الرحمن فلا يذكر أحد مسألة في باب اللعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>