منه بشيء الى الكلب، فلا يأكله. وربما عوتب في ذلك، فيقول: الرقاد ما الكلب على المزابل وأكل خبز الشعير، بنخالته، كثير لمن كان يرجو في الآخرة شيئاً. وكان قوته، الذي يأكله من الشعير بنخالته، يتولاه له رجل من إخوانه، يحرثه في أرض حلال، وزريعته حلال، وبقله حلال. فإذا أصاب زرعاً أكثر من القوت تصدّق به. وقوته من الزيت، من عند رجال صالحين. وكان لباسه أولاً: صوفاً من موضع يعرف أصله، فلما تغيرت الأمور - يعني بالفتن - كان يلبس خرق المزابل، يجمعها ويغسلها. ويبطن بعضها على بعض، فيجعل منها شيئاً وسطه، وشيئاً على ظهره، ويخيطها بمسلة من عظم غزال. وكان يتوطأ الرمل. وفي الشتاء يأخذ قفاف المعاصر، الملقاة على المزابل، يجعلها تحته. ويكسر بيته كل واحد جبة صوف، ولفافة على رأسه، فإذا بلغ أحدهم أسقط النفقة عنه والكسوة. وقال له: لا نتقلدك، وكان وطاؤهم حصيراً خلقاً قديماً. وعند رؤوسهم الطوب. ومائدتهم جلدٌ - جلد ضحيته - ولقد مكث قبل موته، نحواً من سبع سنين لم يأكل خبزاً. إنما يلقي الدقيق في القدر، مع ما فيها. وكان إذا مشى، أسرع، حتى لا يكاد يدركه إلا من يجري. قال بعضهم: لقيته يوماً مهموماً. فسألته، ما بالك؟ فقال: ولما لا أكون مهموماً، والمنكر في داري؟ والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. قلت: