ثم وجه ابنه محمد بسجله مع الفتى إلى الأمير، وقال: قل له هذا سجلك، وجعل الله فلاناً شفيعك يوم القيامة. فوصلا إليه، وأبلغاه ما قال. فقال محمد: هذا سجلك بعث به لتولي أمور المسلمين من تراه. فقال أبو العباس: اقرأ على أبيك السلام، وقل له: جزاك الله عن نفسك وعنا وعن المسلمين خيراً. فقد أحسنت أولاً وآخراً. ونحن نرضي قائدنا من أموالنا. وامض على أحسن نظرك. فبلغ ذلك سحنون واجتمع إليه وجوه الناس وأهل الخير، وشكروا فعله. فقال لهم: إن الله قد أحب الشكر من عباده، فتقدموا إلى باب الأمير واشكروه على تأييد الحق، ففي ذلك صلاح الخاصة والعامة. ففعلوا ذلك. قال سليمان بن عمران: ودخل سحنون على محمد بن الأغلب يشكو إليه، رفع الخصوم عن بابه إلى باب الطبني شريكه في القضاء. وذلك، أن ابن الأغلب لما لم يمكنه عزل سحنون، لمكانه من قلوب الناس، وقصده من تحامل رجاله
وضيق عليهم، ولي الحكم معه الطبني، رجلاً جافياً جاهلاً. مضادة لسحنون. فكان يرفع الخصوم عن بابه، إلى الطبني، فلما ذكر ذلك لمحمد بن الأغلب قال له محمد: ما عندي من هذا علم. ثم التفت إلى بعض جلسائه، فقال أعندك من هذا علم؟ قال: لا. فضرب سحنون بيده على لحيته. وقال بتلعب بي وأنا إمام في العلم منذ ستين سنة. وهذا يشهد لي. يريد بن عمران. فقلت: وما حاجتك إلى ذلك؟ أدركت الناس بمصر يتمنون أن لو كنت فيه. وأسمعه يعقوب بن المضار! كلاماً غليظاً فيما ينفذه من لحق عليهم، بحضرة ابن الأغلب، فقال له سحنون: أين أنت من هذا القول، إذ جيء بك، وفي عنق يعقوب حبل كالكلب، ثم خرج سحنون، فقال يعقوب، للأمير: شيخ من مشائخك وعم من أعمامك يفعل بي سحنون بين يديك مثل هذا؟ ولا يرى لمجلسك حرمة! فقال ألأمير لأصحاب الأعمدة: لو قتلتموه ما كنت أصنع بكم؟ فعافاه الله. ولما رأى سحنون حال الطبني، وفهم المراد، لزم داره مدة. وترك الجامع. وكان الطبني يحكم في الجامع، وحبيب أيضاً صاحب مظالم سحنون ينظر. إلى أن بلغه أن الطبني مد يده إلى بعض أصحابه. فخرج سحنون إلى الجامع، وسمع بذلك الناس، فأتوا إليه من كل جهة. فخرج الطبني من الجامع إلى داره. فكان ينظر في داره، وسحنون في الجامع على عادته، نحوا من أربعين يوماً، إلى أن توفي رحمه الله تعالى. وكتب زيادة الله ابن الأغلب إلى علماء أفريقية، يسأله عن مسألة، فأخبروه، إلا سحنون. فعوتب في ذلك. فقال: أكره أن أجيبه، فيكتب إلي ثانية، اشتغال لمعرفة ألأمراء. فقال له إبراهيم بن عبدوس، في مثلها: اخرج من بلد القوم، أمس لا تصلي خلف قاضيهم. واليوم لا تجيب في مسألتهم. فقال سحنون: أجيب رجلاً يتفكه بالدين، ولو علمت أنه يقصد الحق، أجبته. وذلك قبل قضائه. يق عليهم، ولي الحكم معه الطبني، رجلاً جافياً جاهلاً. مضادة لسحنون. فكان يرفع الخصوم عن بابه، إلى الطبني، فلما ذكر ذلك لمحمد بن الأغلب قال له محمد: ما عندي من هذا علم. ثم التفت إلى بعض جلسائه، فقال أعندك من هذا علم؟ قال: لا. فضرب سحنون بيده على لحيته. وقال بتلعب بي وأنا إمام في العلم منذ ستين سنة. وهذا يشهد لي. يريد بن عمران. فقلت: وما حاجتك إلى ذلك؟ أدركت الناس بمصر يتمنون أن لو كنت فيه.