ثم أصابه الفالج. قال أبو الحسن الكوفي: لم يكن في إفريقية محدث، إلا موسى بن معاوية، وعباس الفارسي، قال مغيث: قلت لسحنون إن موسى جلس يفتي في الجامع، فقال: ما جلس في الجامع منذ ثلاثين سنة أحق بالفتوى منه. وكان سحنون يجله ويعظمه ويوفي حقه في العلم ويقدمه بين يديه في المجالس. قال: قرأت عن سحنون كنا برابطة المنستير في جماعة فكان موسى أطولهم صلاة وأدومهم عليها. فإذا كانت ليلة سبعة وعشرين من رمضان، طبقها من أولها الى آخرها. فإذا أصبح، قال: توجهوا بنا الى القيروان، فنقول له: أقم نتعبدها هنا. فيقول: كان النبي عليه السلام يجهد في العشر الأواخر، فإذا مضت ليلة سبعة وعشرين دبت فيه الفترة. قال سحنون: فلا نجد بداً من مساعدته. قال ابن أبي دليم: والأغلب عليه الحديث والرواية. وكان من أهل الورع والدين منابياً لأهل البدع. وذكره بعض، فقال: فيه بعض فقه مع كره الرواية. فقال هذا الصمادحي، عرضت له مسألة في حمار فما عرف ما يجب له حتى استفتى. قال فرات حضرة الأمير، زيادة الله. سئل الصمادحي، عن عمود في مسجد خرب، أراد تحويله الى الجامع. فقال: لا تحركه من موضعه يحتج له قال أبو الفضل ابن حميد: كنا نسمع من الصمادحي وقد كف فاستسقى فجئنا الى الماجل فإذا فيه ماء قليل، وفأر كبير، فأعلمناه. فقال: اروني منه نشمه، فلم يجد له رائحة. فقال: كيف ترون الماء؟ فقلت: صافياً. فشرب منه وشربنا، وتوضأ وتوضأنا. وتوفي ليوم الإثنين يقين من ذي القعدة سنة خمس، وقيل سنة ست وعشرين ومائتين، وسنّه خمس وستون سنة. قال ابن سحنون في تاريخه: ويقال أربع وستون. بعد أن أصابه ريح أبطله. فكان كالخشبة الملقاة. مولده فيما ذكر أبو العرب، مولد سحنون: بينهما ليلة. وقيل سنة. وكان موسى إذا رأى تقديم سحنون له، يقول: ما ترك علينا تلك الليلة. يريد أن بسببها. كان يجله سحنون، وأما أبوه معاوية، فله سماع من الثوري وابن أنعم، وحنظلة بن أبي سفيان. وكان معدوداً في شيوخ إفريقية. روى عنه ابنه وسحنون وأبو داود العطار، وكان ثقة ورمي برأي الصفرية، ولعله لا يصح عنه. توفي معاوية والد موسى سنة تسع وتسعين ومائة.
[بقية أخباره رحمه الله]
ولقي موسى محمد بن الحسن، فلم يأخذ عنه. فسئل عن ذلك، فقال: لو ملأ لي مسجدي هذا ذهباً ما سمعت منه حرفاً. وذكر أنه بلغه عنه شيء من مخالفة السنة، وامتحنه ابن أبي الجواد قاضي القيروان، وكان معتزلياً، فسأله عن القرآن. فقال موسى: سمعت فلاناً وفلاناً وذكر جماعة من أهل العلم، يقولون لمن قال القرآن مخلوق فهو كافر.