للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان اذا قال قولا فخولف قال: حسبكم أن تسمعوا ما أقول وتقبلوا، لفقهه، ودربته فى الفتيا، وموت من تقدمه.

قال أبو عثمان الأعناقى: لما ولى محمد بن سلمة القضاء، وكان لى صديقا، رأيت بعد مدة صلته وقصده، فاقيت في طريقي محمد بن أيمن، فقال لى: الى أين؟ فعرفته.

فقال: كلا يا أبا عثمان البتة البتة، يعنى: تطلب الدنيا وتجالس القضاة!

فكأنما نبهني من غفلة، فرجعت الى دارى، ولم أعد الى مثلها بعد.

وكان ابن أيمن يكثر من قول البتة * البتة، لا يخلو كلامه منها.

وذكر أنه مر يوما بأزقة بغداد، هو وقاسم بن أصبغ، وابن أبي عبد الأعلى، وكانوا مترافقين (٦٢٥) ليسيروا الى شيخ للسماع منه، فاذا في طريقهم بطفل قد نبتت أسنانه، وقد أخرجه أهله، ونثروا عليه الفاكهة، على عادتهم، وينتهبها من حضر، فقال قاسم: هذا رزق رزقه الله.

فأخذ هو وابن عبد الأعلى فيمن أخذ، وأكلا، وأمسك ابن أيمن، وقال: هذه نهبة لا تحل.

ثم وصلوا إلى الشيخ، فسمعوا منه الى ارتفاع النهار إلى الظهر، وأضر الجوع بابن أيمن، فسألهما: هل بقى عندكما من ذلك شيء؟

فقالا له: وأين قولك؟

فقال لهما: ليس مع الاضطرار اختيار.

وتوفى ليلة السبت، منتصف شوال، سنة ثلاث وثلاثمائة.

مولده أول ذى الحجة سنة ثنتين وخمسين ومائتين.


(٦٢٥) أ ط: مترافقين - م: متوافقين.